1- عِيُّ الصَّمْتِ أَحْسنُ
مِنْ عِيِّ الْمَنْطقِ
العِيُّ - بالكسر - المصدرُ، والعَيُّ
- بالفتح - الفاعلُ، يعني عِيٌّ مَعَ صَمْت خير من عيٌّ مع نطق، وهذا كما يُقَال: السكوتُ
ستر ممدود على العي، وينشد:خَلِّ جَنْبَيْكَ لِرَامِ … وَامْضِ عَنْهُ بسَلَامِ
مُتْ بدَاءِ الصَّمْتِ خَيْرٌ … لَكَ مِنْ دَاءِ الْكَلَامِ
عِشْ مِنْ النَّاسَ إنِ اسْطَعـ … تَ سَلَاماً بسَلَامِ
قَال ابن عَوْن: كنا جلوساً عند ربيعة بن أبي عبد الرحمن، قَال: فجعل يتكلم وعنده رجل من أهل البادية، فَقَال له ربيعة: ما تَعُدُّنّ البلاغَةَ فيكم؟ قَال: الإيجاز في الصواب، قَال: فما تَعُدُونَ العِيَّ فيكم؟ قَال: ما كنت فيه منذ اليوم.
حدث المنذري عن الأَصمَعي قَال: حدثني شيخٌ من أهل العلم قَال: شهدت
الجمعة بالضرية وأميرها رجل من الأعراب، فخرج وخطب ولفَّ على أسه وبيده قَوسٌ فَقَال: الحمد للَّه رب العالمين، والعاقبة للمتقين، وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين، أما بعد فإن الدنيا دار بلاء، والآخَرة دار قَرار، فخذوا من ممركم لمَقَرِّكم، ولا تَهْتِكوا أستاركم عند من لا تخفى عليه أسراركم، واخرُجُوا من الدنيا إلى ربكم قبل أن يخرج منها أبدانكم، ففيها جئتم، ولغيرها خلقتم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، والمدعو له الخليفة والأمير جعفر، قومُوا إلى صلاتكم.
قلت: ومثل هذا في الوَجَازة والفصاحة كلام أبي جعفر المنصور حين خطب بعد إيقاعه بأبي مُسْلم فَقَال: أيها الناس، لا تخْرُجُوا من أنس الطاعة إلى وَحْشَة المعصية، ولا تُسِرُّوا غشَّ الأئمة فإنه لا يُسِرُّه أحد إلا ظهر في فَلَتات لسانه وصَفَحات وجهه، إنه مَنْ نازعَنَا عُرْوَة هذا القَميص أو طأناه خَبْءَ هذا الغمد، وإنَّ أبا مُسْلم بايَعَنا وبايَعَ لنا على أنه من نكَثَ عهداً فقد أبا حَنَا دَمَه، ثم نكث علينا فحكَمْنَا عليه لأنفسنا حكمَهُ على غيره لنا، لا تمنعنا رعايةُ الحقَ له من إقامة الحقَ عليه.
2- عَيٌّ صَامِتٌ خَيْرٌ مِنْ
عَيٍّ نَاطِقٍ
أصل عَيٌّ - قَالوا - عَيِيٌّ فأدغم، قَاله
أبو الهيثم. قلت: ويجوز أن يكون عِيّ فَعْلاً لا فَعِيلاً، يُقَال: عَيَّ يَعْيا عِيّاً
فهو عَيٌّ، كما يُقَال: حَيَّ يَحْيا حَيَاةً فهو حَيٌّ، ومثله رجلٌ طَبٌّ وَصّبٌّ
وبَرٌّ وغيرها، وهذا كما مضى "عِيُّ الصَّمْتِ خيرٌ من عِيِّ النطق" إلا
أنه جَرَى على المصدر هناك، وههنا على الفاعل، يُقَال: عَيِيَ يَعْيَا عِيّاً فهو عَيٌّ
وعَيِيٌّ، ويجوز أن يُقَال: أصله فَعِلَ - بكسر العين - على قياس جَدِبَ فهو جَدْبٌ
وترِبَ فهو تَرْبٌ، وعلى هذا قياسُ بابه، أعني باب فَعِلَ يفْعَلُ.يضرب هذا المثل عند اغتنام السكوت لمن لا يحسن الكلام. ويروى "عِيٌّ صامت" على المصدر بجَعْل صامت مبالغة، كما يُقَال: شِعْرٌ شَاعِرٌ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
عزيزي الزائر:
أهلاً وسهلاً بك اكتب ملاحظاتك أو سؤالك أو راسلنا على صفحة النحو والصرف:
https://www.facebook.com/arabicgrammar1255/