يَسَارُ الكَوَاعِبِ
كان من حديثه أنه كان عبداً أسْوَدَ يرعى
لأهله إبلَا، وكان معه عبد يراعيه، وكان لمولى يَسَار بنتٌ فمرت يوماً بإبله وهي ترتع
في رَوْض مُعْشب، فجاء يسار بعُلبة لبنٍ فسقاها، وكان أفْحَجَ الرجلين، فنظرت إلى فَحَجِهِ
فَتَبَسَّمت ثم شربت، وَجَزَتْه خيرا، فانطلق فَرِحاً حتى أتى العبد الراعي وقص عليه
القصة، وذكر له فَرَحَها وتبسمها، فَقَالَ له صاحبه: يا يسار كل من لحم الحِوَار، واشرب
من لبن العِشَار، وإياك وبنات الأحرار، فَقَالَ: دحِكَتْ إلي دحكة لَا أخيبها، يقول:
ضحكت ضحكة، ثم قام إلى عُلْبَة فملأَها وأتى بها ابنَةَ مولَاها، فنبهها، فشربت ثم
اضطجعت، وجلس العبد حِذاءها، فَقَالَت: ما جاء بك؟ فَقَالَ: ماخفي عليكِ ما جاء بي،
فَقَالَتْ: وأي شيء هو؟ قَالَ: دحكك الذي دَحِكْتِ إلي، فَقَالَت: حياك الله، وقامت
إلى سَفَطٍ لها فأخرجت منه بَخُوراً ودُهْناً، وتعمدت إلى مُوسي (سكين)، ودعت مِجْمَرَة
وقَالَت له: إن ريحك رِيحُ الإبل، وهذا دهن طيب، فوضعت البخور تحتهُ وطأطأت كأنها تصلح
البخور، وأخذت مَذَاكيره وقطعتها بالموسي، ثم شمته الدهن فسلتت أنفه وأُذُنيه، وتَرَكتهُ،
فَصَارَ مثلاً لكل جانٍ على نفسه ومُتَعَدٍّ طَوْرَه، قَالَ الفرزدق لجرير:وإنِّي لأخْشَى إنْ خَطَبْتَ إليهمُ … عَلَيْكَ الَّذي لَاقَى يَسَارُ الكَوَاعِبِ
ويُقَال أيضاً "يسار النساء" وكان من العبيد الشعراء، وله ابن شاعر يُقَال له: إسماعيل بن يَسَار النساء، وكان مفلقاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
عزيزي الزائر:
أهلاً وسهلاً بك اكتب ملاحظاتك أو سؤالك أو راسلنا على صفحة النحو والصرف:
https://www.facebook.com/arabicgrammar1255/