مدح التجار والتجارة
1- الكاتب أبو عثمان عمرو بن بحر إمام الكتاب في العصر العباسي ولد في البصرة
كان يكتري دكاكين الوراقين ( الذين ينسخون الكتب ) حتى انهالت عليه فمات،
سُمّي الجاحظ لجحوظ في عينيه أي (بروز) ومن كتبه البيان والتبيين - البخلاء - الحيوان - رسائل الجاحظ.
2- مناسبة النص : كتبها دفاعاً عن صديقه الزيات الوزير في عهد الخليفة المتوكل وردّ فيها عنه على المبغضين الذين حاولوا تشويه سمعته عنده.
3- الغرض من النص : مدح التجار و التجارة .
4- نوع الرسالة : من الرسائل الإخوانية .
5- نوع الأدب الذي ينتمي إليه النص ( الأدب الاجتماعي).
---------------------
بعض ما جاء في الرسالة : ( أدام الله لك السلامة ، وأسعدك بالنعمة، وختم لك بالسعادة، وجعلك من الفائزين، فهمت كتاب صاحبك ، ووقفت منه على تعد في القول ، وحيف في الحكم .
وهذا الكلام
لا يزال ينجم من حشوة أتباع السلطان. فأما عليتهم ومصاصهم، وذوو البصائر والتمييز
منهم ، فإنهم يعترفون بفضيلة التجار ويتمنون حالهم، ويحكمون لهم بالسلامة في
الدين، وطيب الطعمة، ويعلمون أنهم أودع الناس بدناً وأهنؤهم عيشاً، وآمنهم سرباً،
لأنهم في أفنيتهم كالملوك على أسرتهم، يرغب إليهم أهل الحاجات، وينزع إليهم ملتمسو
البياعات، لا تلحقهم الذلة في مكاسبهم، ولا يستعبدهم الضرع لمعاملاتهم.
وقد علم المسلمون أن خيرة الله
تعالى من خلقه، وصفيه من عباده، والمؤتمن على وحيه، من أهل بيت التجارة، وهي معوَّلُهم
وعليها معتمدهم ، وهي صناعة سلفهم، وسيرة خلفهم.
ولقد
بلغتك بسالتهم ، ووصفت لك جلادتهم ، ونعتت لك أحلامهم ، وتقرر لك
سخاؤهم وضيافتهم ، وبذلُهم ومواساتُهم ، وبالتجارة كانوا يعرفون ، ولذلك قالت
كاهنة اليمن " لله در الديار لقريش التجار ".
وقد غبر النبي صلى الله عليه وسلم بُرهةً
من دهره تاجراً ، وشخص فيه مسافراً، وباع واشترى حاضراً ، والله أعلم حيث يجعل
رسالته.
ولم
يقسم الله مذهباً رضياً ، ولا خلقاً زكياً ولا عملاً مرضياً إلا وحظه منه أوفر
الحظوظ ، وقسمه فيه أجزل الأقسام .
ولشهرة
أمره في البيع والشراء قال المشركون : " ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في
الأسواق "، فأوحى الله إليه: " وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا أنهم
ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق ". فأخبر أن الأنبياء قبله كانت لهم صناعات
وتجارات
وإن الذي دعا صاحبك إلى ذم التجارة
توهمه بقلة تحصيله ، أنها تنقُص من العلم والأدب وتقتطع دونهما وتمنع منهما. فأي
صنف من العلم لم يبلغ التجار فيه غاية، أو يأخذوا منه بنصيب ، أو يكونوا رؤساءَ
أهله وعليتَهم؟!.
هل كان في التابعين أعلمُ من سعيد
بن المسيب أو أنبل؟ وقد كان تاجراً يبيع ويشتري ، وهو الذي يقول: "ما قضى
رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان، ولا علي -
رضوان الله عليهم - قضاءً إلا وقد علمته".
وكان أعبَرَ الناس للرؤيا وأعلمهم
بأنساب قريش. وهو من كان يفتي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم متوافرون.
وله بعد علم بأخبار الجاهلية والإسلام، مع خشوعه وشدة اجتهاده وعبادته، وأمره
بالمعروف، وجلالته في أعين الخلفاء، وتقدمه على الجبارين).
-----------------------
معاني المفردات :
وقفت منه : فهمت - حيف : ظلم وجور - عليتهم : أشرافهم - مصاصهم : الخالص من كل شيء - ذوو البصائر : أصحاب العقول-
- آمنهم : الأمان - الطعمة : المكسب - السرب : النفس والأهل والمال - أفنيتهم : ساحات البيوت - ينزع إليهم : يشتاق -
- الضَّرَع : الخضوع والذلة - بسالتهم : شجاعتهم - جلادتهم : قوتهم وشدتهم - صفيه: اختاره الله - سخاؤهم:كرمهم-
- البياعات : ما يباع - مواساتهم : عزاؤهم - غبر : مضى ومكث - شخص : خرج - أوفر وأجزل : أكثروأوسع - تقطع دونهما: تأخذ منهما - عليتهم : شرفاءهم - أعبر الناس:أعلمهم بتفسير الرؤيا -الرؤيا : جمعها رُؤى - صفيّ : جمعها أصفياء - أسرتهم : مفردها سرير- سخاؤهم:كرمهم. -البصائر : مفردها البصيرة.
الأفكار والمعاني:
1- مقدمة الرسالة : دعاء الجاحظ لصديقه بالسلامة والفوز والخاتمة السعيدة.
2- عرض الرسالة :
* وصف بعض أتباع السلطان بالسقط والرذالة .
* أصحاب العقول السليمة منهم يقدرون التجارة وأهلها ويعترفون بفضلها . * رسم الجاحظ مثالية خلقية رفيعة للتجاروالتجارة ووصفهم بـ( السلامة في الدين - الكسب الحلال - قوة الأبدان - والطمأنينة - ويتميزون بشرف المهنة - التقرب والتودد إليهم ....
* دعم الجاحظ فكرته السابقة بالأمثلة منها : التجارة مهنة القرشيين من أهل مكة ومنهم رسول الله.
* مهنة العديد من الأنبياء والرسل عليهم السلام ومنهم محمد صلى الله عليه وسلم قضى وقتاً يبيع و يشتري.
3- الخاتمة : العمل في التجارة لا ينقص من العلم والأدب ولا يعيب صاحبه ولا يعيقه عن طلب العلم.
* وصف من ذم التجارة بقلة الوعي والفهم.
* دلل على فكرته هذه بالعالم التاجرسعيد بن المُسيِّب الذي بلغ الغاية في العلم والأدب.
الألفاظ والتراكيب :
1- ألفاظ ودلالات موحية : مثل (حشوة) توحي بالحط من شأنهم وضعف رأيهم و( مصاصهم) توحي بالرفعة والرأي الصائب.
1- ألفاظ ودلالات موحية : مثل (حشوة) توحي بالحط من شأنهم وضعف رأيهم و( مصاصهم) توحي بالرفعة والرأي الصائب.
وكلمة (غبر) توحي بالاسغراق في الشيء وطول المكث فيه - و( أفنيتهم ) توحي بسعة الرزق ورفاهة العيش
2- الألفاظ والتراكيب مناسبة للطبقة الاجتماعية التي يتحدث عنها وهذا يُسمى في البلاغة ( مطابقة الكلام لمقتضى الحال).
و من الألفاظ المناسبة الملائمة للطبقة الاجتماعية ( البياعات - مكاسبهم - الصناعات والتجارات - والبيع والشراء ..
الأساليب :
* الأسلوب الخبري الغالب على النص لتوكيد المعاني وتقريرها مثل :
* الأسلوب الخبري الغالب على النص لتوكيد المعاني وتقريرها مثل :
1- ترادف الألفاظ ( سخاؤهم وبذلهم - مُعوَّلهم واعتمادهم )
ومن الجمل المترادفة : ( خيرة الله من خلقه وصفيه من عباده )
2- أدوات التوكيد مثل : الحرف الناسخ ( إنّ وأنّ ) - وقد غبر ) يفيد التحقيق - وأداة الحصر ( إلّا وحظه منه).
3- أداة الشرط إمّا ( فأمّا عليتهم ومصاصهم ... فإنهم يعترفون بفضيلة التجار )
4- التقديم والتأخير للتوكيد : في ( لله در الديار ) تقديم الخبر شبه الجملة على المبتدأ (درُّ الديارِ) - ( وله بعد علمٌ بأخبار الجاهلية).
( وهل كان في التابعين أعلمُ من سعيد - وكانت لهم صناعاتٌ ) تقديم خبر كان شبه الجملة على اسمها
ومنه تقديم الجار والمجرور على الفاعل ( يرغب إليهم أهلُ الجاهات - وينزع إليهم ملتمسو البياعات )
وفي ( ونعتت لك أخلاقهم - وتقرر لك سخاؤهم )
5- الضمير المنفصل مثل : ( و هو الذي يقول ) - ( وهو من كان يفتي )
* الأساليب الإنشائيه : منها
1- الدعاء: إنشائي في صورة جملة خبرية ( أدام الله لك السلامة ) - و ( لله در الديار لقريش التجار ) دعاء لهم بالخير
2- الاستهام ( فأي صنف من العلم لم يبلغ التجارفيه غاية ) الغرض : التعجب
و( هل كان من التابعين أعلم من سعيد بن المسيب ) الغرض النفي.
المحسنات البديعية : استخدم الجاحظ المحسنات البديعية بكثرة دون تكلف مما يدل على سعة علمه ومميزات أسلوبه
1- الطباق : لغرض توضيح المعنى وإبرازه ولفت الانتباه ( سلفهم وخلفهم - مسافراً وحاضراً - باع واشترى -البيع والشراء - الجاهلية و الإسلام )
2- السجع : تشابه الفواصل والغرض : نغمة موسيقية ( وصفت لك جلادتهم ونعتت لك أخلاقهم )
3- الازدواج : وهو جمل متساوية ومتشابهة في المعنى و عدد الكلمات ونظمها( تعدّ في القول و حيفٍ في الحكم ) . ( وحظه منه أوفر الحظوظ وقسمه منه أجزل الأقسام ).
4- الجناس : جناس ناقص ( سلف وخلف -
التصوير الفني :
1- التشبيه :
( في أفنيتهم كالملوك ) تشبيه مفرد مرسل
لوجود أداة التشبيه سر الجمال التوضيح والقيمة المعنوية ( يوحي) بالمنزلةالعالية للتجار .
2- الاستعارة :( لا يستعبدهم الضًّرَع ) نوعها استعارة مكنية
حيث شبه التضرع والاستكانة بالإنسان وحذف المشبه به ودل عليه الاستعباد ، القيمة الفنية ( سر الجمال)
التشخيص والقيمة المعنوية ( توحي ) بالحيوية و النشاط ورفضهم التذلل.
3- الكناية : دائماً الغرض منها : تكسب المعنى
قوة وجمالاً وتقدم المعنى بالدليل
*-( طيب الطعمة ) كناية عن الكسب
الحلال.
*-( حشوة أتباع السلطان ) كناية عن ضعف الرأي وقلة شأنهم
*-( حشوة أتباع السلطان ) كناية عن ضعف الرأي وقلة شأنهم
*- ( عليتهم ومصاصهم ) كناية عن الرفعة وعلو
الشأن.
*-( مال هذا الرسول يأكل الطعام ) أي من البشر.
*-( مال هذا الرسول يأكل الطعام ) أي من البشر.
السمات
الفنية (الخصائص الأسلوبية):
1- الاقتباس من القرآن الكريم - 2- سهولة الألفاظ ووضوح المعاني
3- استخدام الازدواج والترادف 4- استقصاء المعاني والغوص في تفاصيلها
5- استخدام المحسنات البديعية بكثرة . 6- الترتيب والتسلسل المنطقي
المشتقات :
1- اسم الفاعِل من الفعل الثلاثي ( الفائِزين - صاحِبك - كاهِنة - حاضِراً - تاجِر - التابِعين)، اسم الفاعل من فعل غير ثلاثي ( مُسافِر سافر - المُسلِمون أسلم - المُشرِكون أشرك - مُتوافِرون توافر) ميم مضمومة وكسر ما قبل الآخر.
2- اسم المفعول من فعل ثلاثي ( مَرضيّ أصلها مرضوي قلبت الواو ياء - نبيّ وزن فعيل بمعنى مفعول (منبوء).
3- اسم مفعول من فعل غير ثلاثي ( المُؤتَمن اُئتمن - المُرسلَين أُ رسل - مُعوَّلهم عُوّل - مُعتمَدهم اعتُمد ) ميم مضمومة وفتح ما قبل الآخر
4- صفة مشبهة ( سعيد ).
5- اسم تفضيل ( أودع - أهنأ - آمنهم - أوفر - أجزل.
المصادر : (مكاسب جمع مَكْسَب مصدر ميمي )- ( مواساة وزن مفاعلة فعله واسى دل على المشاركة ) - ( معاملة عامل )
( مَذْهب وزن مفعل مصدر ميمي )
الجذر الأصلي : الشراء شري - الفائزين فوز - صفيّ صفو - رَضيّاً رضو من الرضوان - زكياً زكو - شدة شدد
إعراب كلمات وجمل :
1- ويعلمون أنهم أودع الناس بدناً-الواو : حرف عطف مبني على الفتح
-يعلمون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون من الأفعال الخمسة - واو الجماعة ضمير مبني في محل رفع فاعل
-أنّهم : أنّ حرف ناسخ يفيد التوكيد - هم ضمير متصل مبني في محل نصب اسم أن
-أودعُ : خبر أن مرفوع بالضمة وهو مضاف
-الناس : مضاف إليه مجرور بالكسرة
-بدناً : تمييز لاسم التفضيل ( أودع ) منصوب بالفتحة
والجملة الاسمية من أن واسمها وخبرها سدت مسد المفعول به للفعل يعلم بمعنى يعرف
2- ينزعُ إليهم ملتمسو البياعاتِ . فاعل ( للفعل المضارع ينزع ) مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم وحذفت منه النون للإضافة
3- ولم يقسمِ الله مذهباً رضيّاً . يقسم : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه السكون المقدر منع من ظهوره الكسرة العارضة، بسبب التقاء الساكنين أصلها(لم يقسمْ اللّه) سكون الميم وسكون اللام المدغمة في لفظ الجلالة.
- مذهباً: مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة.
- رضياً : نعت منصوب مثل المنعوت مذهباً.
4- كانوا يُعرفون. كان: فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة فعل ناسخ.
واو الجماعة ضمير مبني على السكون في محل رفع اسم كان (والألف بعدها الالف الفارقة بين الفعل والاسم).
يُعرفون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون من الأفعال الخمسة
- واو الجماعة : ضمير مبني في محل رفع نائب فاعل.
- والجملة الفعلية ( يعرفون ) في محل نصب خبر كان.
-----------------------
شكراً لكم
ردحذف