إضمار أن الناصبة وجوباً وجوازاً

أولاً:- إضمار أن جوازاً في ستة مواضع:  

1- بعد لام التعليل الجارة، مثال: قال تعالى:

"وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ".النحل:44 

-" وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى". طه:84  - اللام للتعليل.

- لترضى: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة جوازا وعلامة نصبه الفتحة المقدرة للتعذر والمصدر المؤول في محل جر باللام. 

 فائدة: يجب إظهارها (أنْ) إذا أتت بعدها (لا) النافية أو الزائدة كقوله تعالى :

" لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ". النساء:165(لا نافية).

" لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ". الحديد:29 زائدة

2- بعد لام الصيرورة أو لام العاقبة وهي حرف جر

ما بعدها عاقبة أونتيجة لما قبلها كقوله تعالى:

" فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا ". القصص:8

3- بعد حروف العطف الأربعة (الواو- الفاء - ثمّ - أو) ينصب الفعل المضارع جوازاً وذلك:

- إذا وقع بعد حروف العطف الأربعة فعل مضارع مسبوق باسم محض جامد (لا يُؤول بمشتق) قُدّرتْ (أنْ) بين الفعل المضارع وواو العطف جوازاً، لأنه لا يجوز عطف الفعل على الاسم مباشرة ويكون المصدر المؤول من أن والفعل المضارع معطوف على الاسم الجامد، فيكون العطف عطف مصدر مؤول على اسم ظاهر موافق لشرط العطف، والأمثلة التي أوردها النحاة كالآتي:

أ- مثال الواو :

  ولُبسُ عباءةٍ وتقَرَّ عيني *** أحبُّ إليّ من لُبْسِ الشفوفِ

- التقدير: لبس عباءة وقرةُ عيني

- وتقر : تقرَ فعل مضارع منصوب بأن مضمرة جوازاً والمصدر المؤول في محل رفع معطوف بالواو على المصدر الصريح (لبس).

ب- مثال الفاء:

ولولا توقُّعُ مُعتَرٍّ فأرضيَه *** ما كنتُ أُوثِرُ إتراباً على تَرَبِ

- التقدير: لولا توقُعُ معترٍ فإرضاؤه.

- فأرضيه: مضارع منصوب بأن مضمرة والمصدر المؤول في محل رفع معطوف بالفاء على المصدر الصريح (توقُّع). 

ج- مثال (ثُمّ):

إنّي وقتلي سُليكاً ثُمّ أعْقِلَه *** كالثورِ يُضرَبُ لمّا عافتِ البقرُ 

- التقدير: قتلي سليكاُ ثمّ عقلي إياه (دفع ديته).

معنى البيت  شبه الشاعر حاله عندما قتل سليكا ودفع ديته بحال الثور الذي يُضرب حتى تخاف البقر وتقبل على شرب الماء بعد تمنعها عن الشرب.

-  ثُمّ أعْقِلَه: مضارع منصوب بأن مضمرة والمصدر المؤول في محل رفع معطوف بـ(ثمّ) على المصدر الصريح (قتلي).

د- مثال (أو):

قال تعالى: " وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا ". الشورى:51

- أو يرسل فعل مضارع منصوب بأن مضمرة جوازاً بعد أو العاطفة والمصدر المؤول من أن والفعل في محل نصب معطوف على المصدر الصريح (وحياً)

والتقدير :إلا وحياً من وراء حجاب أو إرسالَ رسولٍ.

ثانياً:- نصب الفعل المضارع بأن مضمرة وجوباً

1- بعد لام الجحود : (لام النفي)

 وهي التي تدخل على الفعل المضارع المسبوق بـ(كان الناقصة) المنفية.

- قال تعالى: ” وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ” الأعراف:43

" لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا ". النساء:137

فائدة: إذا كانت كان المنفية تامة فالحكم جواز إظهار أن أو إخفائها.

2- بعد ( أو ) التي بمعنى إلى أو بمعنى (إلّا) الاستثنائية، مثال:

*- لأستسهلَنَّ الصعبَ أو أدركَ المُنى *** فما انقادتِ الآمالُ إلّا لصابرِ

- التقدير: إلى أن أدركَ المنى.

أدرك: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوباً بعد أو والمصدر المؤول معطوف على مصدر يُقدر مما سبق والتقدير: استسهالي الصعب أو إدراكي المنى.

*- وكنتُ إذا غمزْتُ قناةَ قومٍ *** كسرْتُ كعوبَها أو تستقيما

التقدير: إلّا أنْ تستقيمَ .

أو تستقيما: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوباً بعد أو والمصدر المؤول معطوف على مصدر يُقدر مما سبق والتقدير: فكسْري كعوبها أو استقامتها.

3- واو المعية: بمعنى (مع) التي تفيد المصاحبة أي تفيد حصول ما قبلها مع ما بعدها في وقت واحد، (اجتماع المعنيين ومصاحبتهما في وقت واحد)، مسبوقة بنفي أو طلب وأن يُؤول ما قبلها بمصدر مُتوهم يصح العطف عليه بالواو.

قال تعالى: " وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ". البقرة:42

- واو المعية مسبوقة بـ(لا) الناهية.

نهي عن اختلاط الحق بالباطل و كتمان الحق مع العلم به في نفس الوقت.

*- " وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ". آل عمران:142

واو المعية مسبوقة بنفي (لمّا).

- التقدير: نفي حصول اجتماع علم بالجهاد وعلم بالصبر في وقت واحد.

*- المثال الذي أورده ابن مالك في الألفية (لا تكنْ جلداً وتُظهرَ الجزعَ).

تحققت شروط نصب المضارع بعد فاء السببية وهي:

أ- الواو عاطفة تفيد الاجتماع والمصاحبة.

ب- مسبوقة بطلب (لا تكنْ) صيغته النهي.

ج- ما قبله يصح تأويله بمصدر ( لا كونك جلداً وإظهار الجزع).

وهكذا في جميع الأمثلة.

*- قال الشاعر:

لا تنهَ عن خلقٍ وتأتيَ مثله *** عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيمُ 

وتأتيَ: الواو حرف عطف يفيد الاجتماع والمصاحبة معاً.

تأتي: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوباً بعد واو المعية والمصدر المؤول معطوف بالواو على مصدر مفهوم مما سبق.

والتقدير: لا نهي عن خلق وإتيان مثله، (إتيان معطوف بالواو على نهي).

ومثال: لا تُشجّعْ على الصدقة وتُعرِضَ عنها. 

4- فاء السببية: وهي التي يكون ما قبلها سبب لما بعدها أو ما بعدها نتيجة وجواب لما قبلها كالشرط وجوابه، وأن تكون مسبوقة بنفي أو طلب محض وأن يُؤول ما قبلها بمصدر يصح العطف عليه بالفاء، حتى يمكن أن نعطف عليه المصدر المؤول، وإلّا لا يجوز إضمار (أن) وتكون الفاء استئنافية.

الأمثلة على فاء السببية :

*- قال تعالى:" لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ ".طه:61 مسبوقة بنهي

- النهي عن الافتراء لأنه سبب في السحت أوالهلاك والسحت مسبب عن الافتراء.

*- " فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا ". الأعراف: 53 مسبوقة باستفهام

طلب الشفاعة لهم سبب في في وجود شفعاء

*-" مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ ".الحديد: 11

 طلب الإنفاق في سبيل الله سبب في مضاعفة الأجر

*-" وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي ".طه: 81  مسبوقة بنهي

ترك الطغيان والفساد سبب في عدم غضب الله عليهم

*- " يَا لَيْتَني كنْتُ مَعَهمْ فأفوزَ  فوزاً عظيماً ". النساء: 73 مسبوقة بالتمني

تمني كونه معهم سبب في فوزه بالأجر.

*- ابتعدْ عن النار فتسلمَ . مسبوقة بأمر (البعد عن النار سبب في السلامة).

- الفاء حرف عطف يفيد الترتيب والتعقيب والسببية أيضاً.

- تسلم: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوباً بعد فاء السببية والمصدر المؤول معطوف بالفاء على مصدر مفهوم مما سبق.

- التقدير يكون منك بعد عن النار فسلامة لك.

*- لا يغضبُ العاقلُ فيفقدَ صوابَ الرأي. مسبوقة بنفي

نفي الغضب عن العاقل يتسبب عنه نفي فقدان الرأي عنه.

*- هلّا أُمرْتَ فتطاعَ . مسبوقة بالتحضيض. حصول أمر منك سبب في مطاوعتك

*- ما هذا تقصيرٌ فتخاف العقاب.

فتخاف : منصوب بأن مضمرة بعد فاء السببية والمصدر المؤول معطوف على ما قبله المصدر الصريح (تقصير).

والتقدير: (ما هذا تقصير فخوفك من العقاب)، فيكون من عطف مصدر مؤول على اسم ظاهر.

 فائدة:

ينصب الفعل المضارع بعد واو المعية وفاء السببية جوازاً

 يجوز الوجهان رفع المضارع ونصبه حسب قصد المتكلم، مثال : 

*- ما تأتينا فتحدثنا . يجوز الوجهان

أ- رفع الفعل المضارع (فتحدثُنا) معطوف بالواو على (تأتينا) المنفي

فالنفي للفعلين معاً المعطوف والمعطوف عليه (ما تأتينا وما تحدثنا).

ب- نصب الفعل المصارع ( فيحدثَنا ) والفاء سببية والتقدير: نفي الإتيان سبب في نفي الحديث أي لم تحدثنا لأنك لم تأتنا.

*- لا تأكلِ السمكَ وتشرب اللبنَ.

يجوز الثلاث أوجه : النصب بعد واو المعية أو الجزم بالعطف على (تأكل) مضارع مجزوم بلا الناهية أو الرفع على الاستئناف.

5- بعد (حتّى) حرف جر يفيد التعليل والغاية بمعنى (إلى) شرط أن يدل المعنى على المستقبل، وما بعدها مصدر مؤول في محل جر بـ(حتّى)، مثال:

*- أطعْ والديك حتى يرضى عنك الله.   - تفيد التعليل.

*- قال تعالى : "  قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى".طه:91

- بمعنى : إلى أنْ يرجع

*- قال تعالى : " فذرهم حتى يُلاقوا يومَهم الذي فيه يُصعقون "

-حتى : حرف جر وغاية

-يلاقوا : فعل مضارع منصوب بأنْ (المصدرية) مضمرة وجوباً بعد حتى

والمصدر المؤول في محل جر بحتى. 

*- "وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ" البقرة:187

-" وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ ".البقرة:214

يجوز النصب لأن زمن الفعل (حتى يقول) مستقبل لأن الزلزال سابق على قول الرسول.

ويجوز الرفع (حتى يقولُ)  باعتبار أن الفعل المضارع لا يدل على المستقبل الحقيقي لأن قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الزمن الماضي وقت التكلم.

 ----------------------------

تدريب : ما نوع الفاء فيما تحته خط وما حكم المضارع بعدها.

1- " أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا ".الحج:46

2- " أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً ".الحج:63

الإجابة:

1- فتكون: الفاء سببية والمضارع بعدها منصوب بأن مضمرة وجوباً.

لأن كون قلوب لهم مسبب عن طلب السير (استفهام منفي).

2- فتصبح : الفاء استئنافية والفعل المضارع مرفوع بالضمة.

لأن اخضرار الأرض غير مسبب عن رؤية نزول المطر، ولأن اخضرار الأرض ناتج عن نزول المطر سواء رأيتَ ذلك أم لا.