الجزاء من جنس العمل
الْحَدِيثُ شُجُونُ:
أي ذو طُرُقٍ، الواحدُ شَجْنٌ بسكون الجيم،
والشواجن: أودية كثيرة الشجر، الواحدةُ شَاجِنة، وأصلُ هذه الكلمة الاتصالُ والالتفاف،
ومنه الشجنة، والِشَّجْنَةُ: الشجرة الملتفة الأغصان.
يضرب هذا المثل في الحديث يُتَذَكر به غيره.
وقد نظم الشيخ أبو بكر علي بن الحسين القهستاني
هذا المثَلَ ومثلاً آخر في بيت واحد، وأحسن ما شاء، وهو:
تَذَكَّرَ نَجْداً والحديثُ شُجونُ … فَجُنَّ
اشْتِيَاقاً والجُنُوُنُ فُنُونُ
وأول من قال هذا المثل ضَبَّة بن أدّ ابن
طابخة بن إلياس بن مُضَر، وكان له ابنان يقال لأحدهما سَعْد وللآخر سُعَيْد، فنقرتْ
إبل لضبَّة تحت الليل، فَوَجَّه ابنيه في طَلَبها، فتفرَّقا فوجَدَها سَعْد، فردَّها.
ومضَى سعيد في طلبها فلقيه الحارث بن كعب، وكان على
الغلام بُرْدَانِ فسأله الحارث إياهما، فأبَى عليه، فقتله وأخذ بُرْدَيْه.
فكان ضبّة إذا أمسَى فرأى تحت الليل سَوَاداً قال: أسَعْد أم سعيد؟ فذهب قوله مثلاً
يضرب في النجاح
والخيبة، فمكث ضبة بذلك ما شاء الله أنْ يمكث.
ثم إنَّه حجَّ فوافَى عُكَاظ فلقي بها الحارث
بن كعب ورأى عليه بُرْدَىْ ابنه سُعيد، فعرفهما، فقال له: هل أنت مُخْبِرِي ما هذان
البردان اللذان عليك؟ قال: بلى لقيتُ غلاماً وهما عليه فسألتهُ إياهما فأبَى علي فقتلته
وأخذتُ بُرْدَيه هذين، فقال ضبة: بسيفك هذا؟ قال: نعم، فقال: فأعْطِنِيه أنظر إليه
فإنّي أظنّه صارماً، فأعطاه الحارث سيفه، فلمّا أخَذَه من يده هَزَّهُ، وقال: الحديثُ
ذو شجون، ثم ضربه بِهِ حتى قتله، فقيل له: يا ضبة أفي الشهر الحرام؟ فقال: سَبَقَ السيف العذل، فهو أول مَنْ سار عنه هذه الأمثال
الثلاثة. قال الفرزدق:
لا تأمنَنَّ الحربَ إنَّ اسْتِعَارَها
… كَضَبَّةَ إذ قال: الْحَدِيثُ شُجُونُ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
عزيزي الزائر:
أهلاً وسهلاً بك اكتب ملاحظاتك أو سؤالك أو راسلنا على صفحة النحو والصرف:
https://www.facebook.com/arabicgrammar1255/