وَافَقَ شَنٌّ طَبَقَةَ
يُضرَب للمتوافقين.قَالَ الشرقي بن القطامي: كان رجل من دُهاة العرب وعُقَلَائهم يُقَال له شَنٌّ، فَقَالَ: والله لأَطُوفَنَّ حتى أجد امرأة مثلي أتزوجها، فبينما هو في بعض مَسِيرَه إذ وافقه رَجُلٌ في الطريق، فسأله شَنٌّ: أين تريد؟ فَقَالَ: موضعَ، كذا، يريد القربة التي يَقْصِدها شَنٌّ، فوافقه، حتَّى إذا أخذا في مسيرهما
قَالَ له شَنٌّ: أتحْملُنِي أم أحْمِلُكَ؟ فَقَالَ له الرجل: يا جاهل أنا راكب وأنت راكب، فكيف أحملك أو تحملني؟ فسكتَ وعنه شَنٌّ وسارا حتى إذا قَرُبا من القرية إذا بزَرع قد استَحْصَد، فَقَالَ شَنٌّ: أترى هذا الزرع أكِلَ أم لَا؟ فَقَالَ له الرجل: يا جاهل ترى نَبْتاً مُسْتَحْصِداً فتقول أكِلَ أم لَا؟ فسكَتَ عنه شن حتى إذا دخلَا القرية لَقَيَتْهما جِنَازة فَقَالَ شن: أترى صاحبَ هذا النّعْشِ حياً أو ميتاً؟ فَقَالَ له الرجل: ما رأيتُ أجْهَلَ منك، ترى جِنَازة تسأل عنها أمَيْتٌ صاحبُها أم حيٌّ؟ فسكت عنه شَن، لَا أراد مُفارقته، فأبَى الرجل أنْ يتركه حتى يصير به إلى منزله فمضى معه، فكان للرجل بنت يُقَال لها طَبقة فلما دخل عليها أبوها سألته عن ضَيفه، فأخبرها بمرافقته إياه، وشكا إليها جَهْلَه، وحدثها بحديثه، فَقَالَت: يا أبتِ، ما هذا بجاهل، أما قوله "أتحملني أم أحملك" فأراد أتحدثُنى أم أحَدِّثك حتى نقطع طريقنا وأما قوله "أترى هذا الزرع أكِلَ أم لَا" فأراد هَلْ باعه أهله فأكلوا ثمنه أم لَا، وأما قوله في الجنازة فأراد هل ترك عَقِباً يَحْيا بهم ذكرهُ أم لَا، فخرج الرجل فَقَعد مع شَنٍّ فحادثه ساعة، ثم قَالَ أتحبُّ أن أفسِّرَ لك ما سألتني عنه؟ قَالَ: نعم فَسَّرَهُ، ففَسَّرْهُ، قَالَ شن: ما هذا من كلامك فأخبِرْني عن صاحبه، قَالَ: ابنة لى، فَخَطَبها إليه، فزوَّجه إياها، وحملها إلى أهله، فلما رأَوْها قَالَوا: وافَقَ شَنٌّ طَبَقَةَ، فذهبت مثلاً.
وقَالَ الأَصمعي: هم قوم كان لهم وعاء من أدَمٍ فَتَشَنَّنَ، فجعلوا له طَبَقاً، فوافقه، فقيل: وافق شن طَبَقَهُ، وهكذا رواه أبو عبيد في كتابه، وفسره.
وقَالَ ابن الكلبي: طَبَقَةُ قبيلة من إياد كانت لَا تطاق، فوقع بها شَنُّ بن أقْصَي بن عبد القيس بن أفصَى بن دُعْمى بن جديلة ابن أسد بن ربيعة بن نزار، فانتصف منها، وأصابت منه، فصار مثلاً للمتفقين في الشدة وغيرها، قَالَ الشاعر:
لَقَيَتْ شَنُّ إيَاداً بِالَنَا … طَبْقاً وَافَقَ شَنٌّ طَبَقَهْ
وزاد المتأخرون فيه: وافقه فاعتنقه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
عزيزي الزائر:
أهلاً وسهلاً بك اكتب ملاحظاتك أو سؤالك أو راسلنا على صفحة النحو والصرف:
https://www.facebook.com/arabicgrammar1255/