تَجْمَعِين خِلَابَةً وَصُدُوداً
يُضرَب لِمَنْ يجمع بين خَصْلَتَيْ شَرٍّ.
قالوا: هو من قول جرير بن عطية، وذلك أن
الحجاج بن يوسف أراد قتله، فمشت إليه مُضَرُ فقالوا: أصلح الله الأمير! لسانُ مضر وشاعرُها،
هَبْه لنا، فوهَبه لهم، وكانت هند بنت أسماء بن خارجة ممن طلب فيه، فقالت للحجاج: ائذن
لي فأسْمَعَ من قوله، قال: نعم، فأمر بمَجْلِسٍ له وجلس فيه هو وهند، ثم بعث إلى جرير
فدخل وهو لا يعلم بمكان الحجاج، فقالت: يا ابن الْخَطَفَي أنْشِدْنِي قولَك في التشبيب،
قال: والله ما شَبَّبْتُ بامرأة قطُّ، وما خلَق الله شيئاً أبْغَضَ إليّ من النساء،
ولكني أقول في المديح ما بلغكِ، فإن شئت أسمعتُكِ، قالت: يا عدوَّ نفِسه فأين قولك:
يَجْرِي السواكُ على أغَرَّ كأنَّهُ … بَرَدٌ
تحدَّرَ من مُتُونِ غَمامِ
طَرَقَتْكَ صائدةُ القلوبِ ولَيْسَ ذا
… وَقْتَ الزيارة فَارْجِعِي بسلام
لو كُنْتِ صَادِقَةَ الذِي حَدَّثْتِنَا
… لَوَصَلْتِ ذاك فكان غيرَ رِمَامِ
قال جرير: لا والله ما قلت هذا، ولكني أقول:
لقد جَرَّدَ الحجاجُ بالحقِّ سيفَه … ألا
فاسْتَقِيُموا لا يَمِيلَنَّ مَائِلُ
ولا يَسْتَوِي دَاعِي الضلالةِ والْهُدَى
… ولَا حُجَّة الخصمين حَقٌّ وبَاطِلُ
فقالت هند: دَعْ ذا عنك، فأين قولك
خليليّ لَا تَسْتَشْعِرَا النومَ، إنني
… أعيذُكُما بالله أن تَجِدَا وَجْدِي
ظَمِئْتُ إلى بَرْدِ الشَّرَابِ وغَرَّني
… جَدَا مُزْنَةٍ يُرْجَى جَدَاها وَمَا تُجْدِي
قال جرير: بل أنا الذي أقول:
ومَنْ يأمَن الحجَّاجَ، أما عِقَابُهُ
… فَمُرّ، وأما عَقْدُه فَوَثِيقُ
لَخِفْتُكَ حَتَّى أنْزَلَتْنِي مَخَافَتِي
… وَقَدْ كانَ مِنْ دُونِي عَمَايَة نِيق
يُسِرُّ لك البَغْضَاء كلُّ مُنَافِقٍ
… كما كلُّ ذِي دِينٍ عليك شَفِيقُ
قالت: دَعْ ذا عنك، ولكنْ هاتِ قولك:
يا عاذليّ دَعَا المَلَامة وَاقْصِرَا
… طَالَ الهَوَى وأطَلْتُمَا التَّفِنيدَا
إني وَجَدْتُكِ لَوْ أرَدْتِ زِيَارةً
… في الحبِّ مِنِّي ما وَجَدْتِ مَزِيدَا
أخَلَبْتِنَا وَصَدَدْتِ أمَّ محمدٍ … أفَتَجْمَعِين
خِلَابةً وصُدُودَا
لا يستطيعُ أخو الصبابة أن يُرَى … حَجَراً
أصمَّ وأن يكون حَدِيدَا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
عزيزي الزائر:
أهلاً وسهلاً بك اكتب ملاحظاتك أو سؤالك أو راسلنا على صفحة النحو والصرف:
https://www.facebook.com/arabicgrammar1255/